responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 344
وَأَمَّا الْخَرْصُ فِي الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يُذَمُّ هَذَا الذَّمَّ وَبَعْضُهُ مَذْمُومٌ إِذَا أَدَّى إِلَى الْمُخَاطَرَةِ وَالْمُقَامَرَةِ. وَقَدْ أُذِنَ فِي بَعْضِ الْخَرْصِ لِلْحَاجَةِ.
فَفِي «الْمُوَطَّأِ» عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا»
يَعْنِي فِي بَيْعِ ثَمَرَةِ النَّخَلَاتِ الْمُعْطَاةِ عَلَى وُجْهَةِ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ هِبَةُ مَالِكِ النَّخْلِ ثَمَرَ بَعْضِ نَخْلِهِ لِشَخْصٍ لِسَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَقْبِضَ ثَمَرَتَهَا عِنْدَ جِذَاذِ النَّخْلِ فَإِذَا بَدَا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ شِرَاءُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ طِيبِهَا رُخِّصَ أَنْ يَبِيعَهَا الْمُعْرَى (بِالْفَتْحِ) لِلْمُعْرِي بِالْكَسْرِ إِذَا أَرَادَ الْمُعْرِي ذَلِكَ فَيَخْرُصُ مَا تَحْمِلُهُ النَّخَلَاتُ مِنَ الثَّمَرِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ عِنْدَ الْجِذَاذِ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ الْمَخْرُوصَ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا وَحُدِّدَ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ لِيَدْفَعَ صَاحِبُ النَّخْلِ عَنْ نَفْسِهِ تَطَرُّقَ غَيْرِهِ لِحَائِطِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَهَا عَطِيَّةٌ فَلَمْ يَدْخُلْ إِضْرَارٌ عَلَى الْمُعْرِي مِنْ ذَلِكَ.
وَالْغَمْرَةُ: الْمَرَّةُ مِنَ الْغمر، وَهُوَ الإحاء وَيُفَسِّرُهَا مَا تُضَافُ إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ
تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ
[الْأَنْعَام: 93] فَإِذَا لَمْ تُقَيَّدْ بِإِضَافَةٍ فَإِنَّ تَعْيِينَهَا بِحَسَبِ الْمَقَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ [54] . وَالْمُرَادُ:
فِي شُغُلٍ، أَيْ مَا يَشْغَلُهُمْ مِنْ مُعَادَاةِ الْإِسْلَامِ شَغْلًا لَا يَسْتَطِيعُونَ مَعَهُ أَنْ يَتَدَبَّرُوا فِي دَعْوَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالسَّهْوُ: الْغَفْلَةُ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ مُعْرِضُونَ إِعْرَاضًا كَإِعْرَاضِ الْغَافِلِ وَمَا هُمْ بِغَافِلِينَ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْقُرْآنِ تَقْرَعُ أَسْمَاعَهَمْ كُلَّ حِينٍ وَاسْتِعْمَالُ مَادَّةِ السَّهْوِ فِيِ هَذَا الْمَعْنَى نَظِيرُ اسْتِعْمَالِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ [الماعون: 5] .
[12- 14]

[سُورَة الذاريات (51) : الْآيَات 12 إِلَى 14]
يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
هَذِهِ الْجُمْلَةُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْ ضمير الْخَرَّاصُونَ [الذاريات: 10] وَأَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ جُمْلَةِ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ [الذاريات: 10] لِأَنَّ جُمْلَةَ قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ أَفَادَتْ تَعْجِيبًا مِنْ سُوءِ عُقُولِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ فَهُوَ مَثَارُ سُؤَالٍ فِي نَفْسِ السَّامِعِ يَتَطَلَّبُ الْبَيَانَ، فَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ عَنْ يَوْمِ الدِّينِ سُؤَالَ مُتَهَكِّمِينَ، يَعْنُونَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ لِيَوْمِ الدِّينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ [النبأ: 1- 3] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست